قبل ثورة يناير وتحديدا فى سنة 2010 كنت اعمل صحفيا بقسم الثقافة بمجلة المصور وقد كنت اتابع الحراك الثقافي فى مصر , باهتمام شديد لان لدى قناعة شخصية ان الثقافة احد اهم مقومات رقى السلوك الانسانى . وايضا لدى قناعة ان بناء الحضارة الخالدة لا يكون ببناء المبانى والقصور , و لكن تصنع الحضارات ببناء العقول .فاذا اردنا ان نبنى مجتمعا قويا علينا اولا بناء الانسان داخل هذا المجتمع , علينا أن نحصن الناس بالمعرفة وزيادة الوعي.
واجد ان وجود التقدم والحرية والممارسات الديمقراطية بكافة اشكالها فى بلادنا مرهون بوجود عقول مستنيره .
لديها من المعرفه ما يكفى للتميز بين الخبيث والطيب , ما يكفى لتذوق الفن والابداع , ما يكفى لوجود الرقابة الذاتية النابعة من الايمان بحق الاخر,
فى الحياة , والاعتقاد .
ما يكفى لوجود الرقابة الذاتية التى تجعل من المطالبة بالحقوق , والالتزام بالواجبات تجاه الذات والمجتمع منظومة متكاملة لا تقبل الانفصال او التمسك بواحدة دون الاخرى .
ولفت انتباهى الصروح الثقافية العملاقة التى تشيد يوما بعد يوم سواء فى العاصمة او فى الاقاليم الثقافية على مستوى الجمهورية .
وللاسف لفت انتباهى ايضا عدم تاتثير هذه الصروح فى المجتمع بشكل كبير , وقد خلصت الى نتيجة مؤدها ان النظام المصرى فى ذلك الحين اهتم بالمبانى واهتم ايضا بافقادها للمعانى .فقد اقام بيوت وقصور للثقافة وفى الوقت نفسة حرص على اغلاق نوادى الادب بوجود قرارات تعسفية كشرط لجود مثل هذة النوادى منها على سبيل المثال لا الحصر ان يكون عضوا النادى قد صدر له اصدار مطبوع على الاقل (ديوان شعر او مجموعة قصصية او رواية )
وان لا يقل عدد اعضاء النادى عن 9 على ما اذكر حتى يتم توفير الدعم المالى ويستمرعمل النادى .
والسؤال الان كيف لشاب او لفتاة موهوبة ان تثقل موهبتها فى ظل اغلاق اغلب نوادى الادب نظرا لعدم مطابقتها لقرار السيد الوزير فى حينه او لعدم انطباق شروط العضوية عليها ..؟
وايضا ما هو مصير هذه الموهبه , هل ستنضم لتنظيم سرى يرعاها أم سنفقد مصدر من مصادر الاشعاع الثقافى فى المستقبل ..؟
الاجابة فى كل الاحوال اما ان تكون بطعم القهر او برائحة الدم التى تزكم الانوف الان , والخاسر الاول والاخير هو مصر شعبا ودولة .
واجد ان الاهتمام بالشباب الموهوبين وعودة نوادى الادب ببيوت الثقافة وتشكيل مجالس ادارات مؤقتة لادارة هذه النوادى لحين تفعيل دور الثقافة الجماهيرية امر يستحق الدراسة من متخذى القرار .
واذكر ان نادى ادب بيت ثقافة كفرسعد دمياط سنة 1993. كان له فضل كبير فى اثقال موهوبتى كشاعر وكاتب ولا استطيع ان انسى الاحتماع الدورى اسبوعيا و الدائرة المستديرة التى كنا نجلس عليها لنقد اعمالنا الادبية . والامسيات الادبية التى كنا نجوب فيها قرى المحافظة بالتنسيق مع بيت ثقافة دمياط واصدقائنا الشعراء الاستاذ سمير الفيل وغيره من الادباء .
لقد اثرت هذه التجربة كثيرا فى تكوينى الثقافى والفكرى بل والوطنى ايضا , ولست وحدى من تاثر بذلك فقد ضم النادى صديقى الشاعر المرحوم محمود بدران والشاعر صلاح بدران وزميلى القاص محمد بركة الكاتب الصحفى بالاهرام والروائى شريف بركة الذى فاز عن احد اعماله بجائزة سعاد الصباح .واخرين اخذتهم الدنيا .
وقد اغلق فاروق حسنى وزير الثقافة اغلب النوادى بقرار ظاهرة تنظيم عمل نوادى الادب وباطنه اغلاقها فى وجه اجيال من المبتدئين فلم يتسنى لنا تسليم الراية لجيل اخر من مبدعين المستقبل .
وقد طالعت اليوم منشور على الفيس بوك عبارة عن صورة لمقصوصة من جريدة الاهرام فى 2010 تحمل تصريحا للدكتور احمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب .ملخصها ان نصيب ثقافة المواطن المصرى من الموازنة العامة للدولة 30 قرش سنويا . !
على الفور تحدثت مع الدكتور مجاهد وسألته هل زادت المخصصات المالية لهيئة قصور الثقافة فكانت الاجابة الصادمة , " لا "
واضاف ان الزيادة المخصصة لوزارة الثقافة وجميع الهيئات التابعة لها لتنشيط العمل الثقافى ذهبت لزيادة اجورالموظفين .!
اذن مازلت الكارثة مستمرة لان تخصيص 30 قرش سنويا لتثقيف المواطن حتما يؤدى الى صناعة مشروع ارهابى و الى قتل موهبه ننتظر وجودها .
ثم انتشار المفاهيم المغلوطة لقلة الدعم الموجه للثقافة من قبل الدولة . ومن قبل رجال الاعمال .
لذا اجد ان زيادة المخصص المالى لوزارة الثقافة بما يعادل المخصص المالى لوزارة الصحة امر يستحق دراسة السلطة .
وايضا ارجوا معالجة القصور التشريعى فيما يخص تبرع رجال الاعمال للانشطة الثقافية . لان تبرع رجال الاعمال للانشطة الثقافية لا يتم خصمه من الوعاء الضريبى الخاص بالمتبرع .
وبالتالى يلجاء رجال الاعمال الى التبرع الى اى نشاط اجتماعى لضمان خصم نسبة 40% من قيمة التبرع من ضرائبة وبالتالى يظل تثقيف المجتمع عبئ على كاهل الدوله وحدها .
ثم يتحمل المجتمع والاجهزة الامنية والدولة ككل تبعات زيادة معدل اصحاب العقول المغيبة والقلوب المتحجرة الذين يصبحون بمرور الوقت
( ملاكا للحقيقة المطلقة) التى تفرض الوصاية على الاخرين بقوة الجهل بالعنف بالتخريب .
واخيرا اوقفوا اراقة الدماء باستنارة العقول يرحمكم الله ..
jo.6666@yahoo.com
| 
المشاركات
مؤنس زهيرى يكتب "على باب الوطن " لا يهمني من أي حزب قدم .. و لا أي منهج فكري يعتنق .. فقط كل ما كنت أتمناه من أول رئيس جمهوري...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق