أقسام







مجلة حراس مصر

مجلة حراس مصر
مصرية ..باقلام وطنية تحت التأسيس

الحكم الإسلامى فى مصر كان حكما جشعا..بقلم غادة عبد المنعم


عمليات تحويل الثراء
وكيف أدت لتأخر الحضارة المعاصرة
- المصريون توقفوا عن الإبداع كرد فعل على سرقة الحكام الرومان لمصر.
- التلصص الصناعى هو الكارثة التى أثرت أبلغ الأثر فى عدم تسارع النمو الحضارى فى القرن الماضى وحتى الآن.
_________________
لآلاف السنين من عمر الحضارة البشرية والحكام والمستعمرون يقومون بعمليات تحويل للملكية، بحيث يجد الذكى والمبتكر والمجتهد والعالم والنشيط المنتج كل هؤلاء أن الناتج الوفير الذى ينتجونه نتيجة عبقريتهم أو نشاطهم وصبرهم على العمل لوقت طويل فى الزراعة والصناعة والإنتاج العلمى والمعرفى وغير ذلك قد تم إغتصابه منهم وتحويله لثروات للحاكم أو للمستعمر وبالطبع فإن العباقرة فى مختلف العصور لم يقفوا موقف الغبى تجاه ذلك فقد قاموا بالثورات لتعديل هذا الوضع إينما وجد وعندما أعيتهم الثورات والحروب لجأوا لنوع من المقاومة السلبية فكفوا عن العمل والإبتكار والإختراع واكتفوا بإنتاج ما يكفى معيشتهم بفائض قليل أو بغير فائض وذلك حتى لا يجد الحاكم والمستعمر لديهم ما يستولى عليه، وقد كانت نتيجة مقاومتهم السلبية هذه خطيرا على الحضارة البشرية حيث أبطأ جهد الكفاف هذا نمو الحضارة البشرية، وأبطأ حركة الإبتكار والتعمير، وواقع الحال فى عصرنا الحديث لا يختلف كثيرا عن العصور القديمة، سوى فى عامل واحد إضافى سوف أتطرق له فيما بعد، ففى الحياة المعاصرة وبعد فترات طويلة من الإستعمار وحيث قررت الدول المستعمرة بعدما كانت قد إغتصبت ثراء كل بلد مستعمر وحولت ثرائه لثراء لها، مستولية على كل جيد فى هذه البلد ومثقلة كل منتج من أهله بالضرائب ومانحة أراضيه لأذنابها ممن لا يستحق ملكيتها ولا يجتهدون فى زراعتها ومحددة ملكية الأراضى للفلاحين الأكفاء، قررت بعد إعطاء كل بلد إستقلالها أن تبقى على نظام تحويل الثراء مستخدما، فرسخت لحكم مستبد فى كل بلد وجملت للحكام تحديد الملكيات وزيادة الضرائب وسرقة فائض الإنتاج وتحويل أموالهم التى ينهبونها من الشعب لبنوكهم الغربية، وكذلك ضبطت نظام موجى للتلصص الصناعى على كل إبتكار جديد فى كل بلد ومنحت رجال المخابرات الذين يتلصصون صناعيا لصالحها على عباقرة بلادهم، فى كل بلد فقير، الرشاوى المقننة وغير المقننة والمرتبات والحوافز والجوائز المستترة فى أشكال المنح والتحويلات المباشرة لحسابات السرية فى الغرب، وهكذا ترسخت دورة من تحويل كل منتج من يد صاحبه المبدع والمبتكر والعامل ليد حكومات الغرب بعد مرورها إما بمرحلة إمتلاك الحاكم المحلى لها أو بمرحلة سرقة رجل المخابرات لها، وتم سحب الأموال من يد العاملين فى الدول الفقيرة لإغداقها على غير العاملين فى الدول الغنية.
وصور تحويل الثراء كثيرة منها:-
1- السرقة الصناعية الشائعة منذ حوالى قرن كامل حيث إنتشرت بعد إكتشاف تكنولوجيا الموجات ومعرفة الإتصالات الموجية (التلغراف والراديو والتليفزيون وغير ذلك) وإكتشاف إمكان إستخدامها فى التلصص على الأفكار والذى شاع بشكل واسع منذ عشرينات القرن الماضى ومع شيوعه تمت مرحلة غير مسبوقة من تحويل الناتج حيث أصبح الفقراء يفكرون ويصممون ويبتكرون ويكتشفون وغيرهم من أبناء الدول الغنية يتم إرسال الحلول المبتكرة لهم جاهزة فى صورة إلهام ذهنى أو حلم يأتيهم وهم نائمون.
2- ومنها سرقة المواد الخام حيث يحدد لها سعر منخفض جدا فى السوق العالمى ويحدد للمنتج النهائى المصنوع منها سعر مرتفع جدا لا يتفق والجهد المبذول فى صناعتها، وتتم هذه العملية بمبالغة شديدة عندما يتوفر الخام فى دولة فقيرة ويتم إستخدامه فى الإنتاج من قبل دولة غنية، ولعلنا نذكر المثال الأكثر استهتارا وعدم انسانية على ذلك وهو مثال استخدام العبيد من الأطفال الذين يتم خطفهم من بلادهم لإنتاج الكاكاو فى ساحل العاج وبيع الكاكاو بسعر بخس لصالح الأسعار المرتفعة جدا للشيكولاتة التى تحتكر إنتاجها دول أوربا مع كندا والولايات المتحدة.
3- إثراء الحكام على حساب العاملين المجتهدين (كما يحدث فى الصين) أو على حساب نسف المواد الخام (كما يحدث فى كل دول أفريقيا وأسيا) ونظرا لأن ثراء الحاكم يتوفر بشكل غير شرعى فهو يفيد دائما دول الغرب حيث يكون الحاكم دائما مضطرا لتخزين أمواله فى الدول الغنية وكذلك لبيع المواد الخام ومنتجات بلاده فى صفقات سرية مشبوهة (السلعة بعشر ثمنها وأحيانا بواحد على مائة من ثمنها المعلن، على الرغم من أن الثمن المعلن يكون أيضا وفى الغالب غير مجزى) فى مقابل رشاوى وتسهيلات غسيل أموال لأمواله الغير مشروعة.

4- هذا بالإضافة للعامل الذى جد فى الزمن المعاصر والذى تمثل فى إمكان دفع البشر لفعل ما لا يرغبونه عبر نشر موجات ذهنية توجههم لفعل أفعال ما كانوا سيقمون بها لولا توجيه المخابرات لهم، وإنتشار هذه التقنية ولإستخدام الدول الغنية لها فى إجبار أبناء الدول الفقيرة على الكسل وتقضية أوقاتهم فى حروب حقيقية أو نفسية هدفها القضاء على كل متفوق وناجح ومبتكر والتى كان نتيجتها أن حياة كل عبقرى من أبناء الدول الفقيرة صارت حياة لا تطاق لأنه أصبح هدفا لأمراض مجهولة متوهمة ولآلام مبرحة لا سبب لها ولإحباطات مدهشة ولمحاربة من جانب مخابرات بلاده وحكومتها ومن جانب زملائه وأقاربه ثم فى النهاية هدفا لعمليات قتل مقننة بإستخدام الموجات ينتج عنها الإصابة بالسرطان وضغط الدم وأمراض القلب والشرايين والكلى والكبد ولحالات إنتحار ولأعراض أمراض نفسية وعصبية وللإصابة بالزهايمر. وقتل الموهوبين والمبدعين والعباقرة وكما يقال منذ تكونهم كأجنة وحتى نهاية أعمارهم التى تقرر مسبقا أن تكون قصيرة ومرهقة وملهية عن مواصلة أى إبداع هو حالة من حالات تحويل الثراء لأنه يقضى على إمكانات بلد فى النمو لصالح بلد آخر. وهناك غير ذلك من الوسائل الملتوية التى برع فيها الغرب لتحويل الثراء وبعد عشرات الأعوام من تحويل ممتلكات الدول المستعمرة لممتلكات غربية، العديد والعديد.
وحتى أدلل على أثر تحويل الثراء (الممتلكات) السلبى على الحضارة البشرية سوف أذكر مثالين من ملايين الأمثلة التى قد تتوارد للذهن حول هذه المسألة
المثال الأول هو توقف الإبداع الحضارى فى مصر طوال حوالى ألفى عام من الإستعمار والحكم غير الرشيد بعد إبداع معظم منتجات الحضارة البشرية وطوال عشر آلاف عام فى مصر.
فمن المدهش أن يتوقف الإبداع الحضارى المصرى إلا من القليل طوال ألفى عام بعد تربع مصر بذكاء أبنائها النادر والذى لابد أنه ورث من الأباء للأحفاد وحتى الجيل الحالى تربعها على عرش الحضارة، وعلو باع أبنائها فى تطوير الحضارة على مدى عشرة آلاف عام سابقة على الألفين المتأخرين فقد كشف تصوير باطن الأرض عبر إختراقها بآشعة من أنواع مختلفة فى جميع أنحاء العالم وهو جهد قامت به المخابرات الغربية منذ بداية إكتشافها للموجات وأبقت عليه سرا، حيث كانت تنوى معرفة مناطق الأثار ونوعيتها فى كل بلد وإنتاج قاعدة معلومات سرية شاملة بكل ما فى باطن الأرض من أثار لسرقة معظمه فيما بعد، والسيطرة على سوق التجارة فى القطع الأثرية وقد كشف إستخدامهم للموجات وإختراق الأرض بها فى كل مكان لكشفهم طبقات الأثار المتتالية المدفون بعضها فوق بعض، وكشفهم لمعظم التاريخ الحقيقى للعالم، وقد وجدوا كما سربوا فى تقارير تتناقل بشكل شبه سرى أن المصريين على مدى عشر آلاف من الأعوام قد انتقلوا بالبشرية من عصر جمع الثمار والذى إستمر لحوالى ستة ملايين عام بلا تطوير يذكر فى الحضارة البشرية، للعصر الحديث حيث أستمرت السلالة الأكثر ذكاء من البشرية فى مصر فى إبتكار الأدوات والعلوم وتطويرها حتى أنتجت الحضارة الحديثة كما نعرفها اليوم بكل ما فيها تقريبا، وكان تحول المصريين من الإبداع للتكاسل عن التطوير والإبتكار لما يقرب من ألفى عام لغز حير علماء الأنثوبولوجى والتاريخ. وفى تصورى فإن سبب هذا التحول واضح وبسيط وهو الإستعمار الجشع وقسوة الحكام واستيلائهم على كل منتج مبتكر وكل إنتاج جيد، فبعد إستعمار سافل، شديد القسوة من الرومان، حيث سرقوا كل ما تنتج الأرض فى مصر ولم يتركوا للفلاحين المصريين شيئا من إنتاج أراضيهم ولا صنعة يدهم، خمل إنتاج الحضارة فى مصر لأن المصرى الذى حاول مقاومة الإستعمار الرومانى ولم يفلح بسبب عظم حجم الإمبراطورية الرومانية ومعاضدة جيوشها فى كل مكان لبعضها بعضا عند حدوث ثورات فى أى مستعمرة من مستعمراتها، هذا المصرى اليائس من تمتعه بنتاج عمله قرر ببساطة عدم العمل ولذا لجأ للصوامع وترك الأرض تبور وقد نجح بذلك فى التأثير وعلى مدى عدد من السنين يقدر بمائتى عام أو يزيد فيما خطط له، وأدى عدم إجتهاده لإنهيار الإمبراطورية الرومانية التى كانت مصر مزرعتها الكبرى وممولها، الأمر نفسه أستمر طوال ألفى عام تقريبا من الحكم العربى فى مصر والذى لابد أنه لم يكن حكما رشيدا عادلا يترك نتاج العمل للمجتهد لأنه لو كان رشيدا لشجع المحكومين فى مصر على الإبداع وعلى زيادة الإنتاج ولو كان رشيدا وغير جشع وحتى ولو كان حكامه أغبياء مع ذلك، لوجدوا من الشعب المصرى ناصحا يهديهم لطرق ذكية لزيادة الإنتاج وزيادة التعمير وزيادة التعليم والذى سيؤدى لتطور العلوم لكنه فيما يبدو وبعيدا عما تقره كتب التاريخ التى كتبها الموالون للحكام والتى ضاع ولم يبقى ما كتب منها على يد غير الموالين لحكامهم، بعيدا عن هذه الكتب الرسمية التى ما بقيت متداولة ومحفوظة فى المكتبات سوى لأنها كتب رسمية بارك الإبقاء عليها الحكام واحد وراء الآخر، فإن أى تحليل لواقع التاريخ سيؤكد أن جشع الحاكم وإستيلائه على ملكيات غيره فى عمليات ضخمة لتحويل الثراء من يد المنتج ليد الحاكم هو العنصر الأكثر ضغطا الذى ربما أدى لكف شعب ذكى ومجتهد عن الإبداع والتطوير سوى فى قليل من المجالات التى طلبها الحاكم وجازى من أبدعوا فيها جزاء حسن كعمارة البيوت والمساجد فى العصر المملوكى والعثمانى مثلا.
المثال الثانى الذى سأذكره هنا هو ما أدى له شيوع السلوك الاستعمارى الغربى القائم على مراقبة أفكار العباقرة فى الدول الفقيرة وسرقة حلولهم الذكية وإلهام الأقل ذكاء منهم من باحثى الغرب بها لاستخدامها فى أبحاثهم وكشوفهم، وهو سلوك شاع على مدى قرن وقد أدى فى تصورى وكما سأبين لتأخر تطوير الحضارة المعاصرة.
تقنية سرقة الإختراعات عبر التجسس على الأفكار هى تقنية ساهمت أجهزة الكمبيوتر فى تطويرها منذ بداية الستينات، فالتقدم فى مجال الكمبيوتر لم يقتصر فقط على إدارة المصانع الكبرى ولا على تصميم الصواريخ التى تصل حتى القمر وتدار كل مراحل رحلاتها الفضائية المعقدة بالكمبيوتر لكنه أيضا ساهم فى إنتاج تقنيات مذهلة لبث أفكار تضم تساؤلات "ماذا لو؟" على نطاق واسع فى الدول الفقيرة، وتسجيل إجابات الفقراء، وإلهام باحثى الغرب بها !
فمثلا شاع سلوك فى مصر هو فك كل آلة مستوردة لمعرفة كيف تعمل وكيف يمكن إصلاحها والتساؤل حول كيفية تطويرها وقد كان هذا السلوك سلوك مرتب من قبل المخابرات فى الدول الغربية والهدف منه كان إستغلال ذكاء المصريين الذين طوروا الحضارة على مدى عشرة آلاف عام فى تطوير الأجهزة دون معرفتهم بحقيقة ما يدور ولا حصولهم على ناتج مادى لقاء عملهم هذا، وقد أدت هذه البرامج المعقدة لعدم إنجاز الهدف منها لأن الفكرة العبقرية التى تنتج من قبل عقل ذكى يمكن أن تتحول لفكرة عادية أو حتى غبية عندما تترك فى يد شخص أقل ذكاء ليقوم بتطويرها والإستفادة منها وقد نتج عن ذلك مثلا إنتاج ملايين الأجهزة التى لا حاجة فعلية لوجودها، وأدى لكثير من التطوير على مستوى الشكل وإهمال التطوير فى الأسس التكنولوجية المكونة للآلة وأدى للإبقاء على الكثير من العلوم محتفظة بكل ما فيها مما هو لغو وغير دقيق ولا حقيقى رغم تطور جوانب أخرى فيها تطور سريع، وغير ذلك من عيوب الحضارة المعاصرة، ولو كانت الدول الغربية قد تركت للشعوب الفقيرة الفرصة للإبداع والإنتاج ومواصلة تطوير الأفكار الذكية التى ترد لأبنائها بدلا من سرقتها وتركها لآخرين لتطويرها لكان تسارع التطور الحضارى فى المائة عام الماضية قد تضاعف ربما مئات أو آلاف المرات.
خلاصة ما أرغب فى قوله هو أن عمليات تحويل الثراء بكل أشكالها تعمل دائما لغير صالح التطور الحضارى، وهى تحد دائما من العمل ومن الإبتكار وتقلل من المنجز الفكرى والإبداعى والحضارى للبشرية.

ليست هناك تعليقات:

المشاركات الشائعة

اعلان

مجلة حراس مصر تصميم بلوجرام © 2014

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدفاع للتنمية وحرية الاعلام والابداع ..الاراء المكتوبة مسؤلية اصحابها . يتم التشغيل بواسطة Blogger.