كامل زهيري بتاع الجرايد .

.مؤنس زهيرى يكتب "على باب الوطن " 
-------------------
في الحقيقة ترددت أن أقص تلك القصة عن سيادة النقيب رحمة الله عليه .. لكن إيماني أن روايتي ليست علي سبيل التباهي أو التفاخر و أنها لن تنقص من طيب عمله عند ربه شيئاً هو ما دفعني إلي كتابتها ..

الأستاذ كامل زهيري كان يسكن الطابق الأول في إحدي عمائر حي الزمالك المطل علي النيل الذي كان يعشقه .. و أسفل نافذة حجرته كان يقع أحد مطاعم الدجاج الأمريكية الشهيرة .. حدث ذات يوم أن كنت بجانبه و هو يطل من النافذة يتأمل جريان مياه النهر العظيم ..

و إذ بطفلين بين العاشرة و الرابعة عشرة من العمر تقريباً يعبران الشارع و يقفان أمام المطعم يراقبان رواده يأكلون بداخله .. وقف الطفلان بعض الوقت و هما يتحدثان بهمس لا يسمع حديثهما أحد .. و فجأة بالأستاذ يتدخل في الحديث معهما لأشهد أنا قصة بين الثلاثة ..

ــ يا كابتن .. يا كابتن .. أيوه انت أنا بأناديلك ..

ــ ايوه يا بيه ..

ــ انتم واقفين بقالكم كتير قدام المطعم ليه ..

ــ أبداً يا بيه إحنا كنا بنتمشي و وقفنا هنا نتفرج شويه .. هنمشي علي طول ..

ــ لا .. لا .. أنا بس بأسأل أنتم عاوزين تدخلوا تاكلوا في المطعم ..

ــ لا يا بيه الف شكر .. احنا هنمشي علي طول خلاص ..

ــ إسمع بس لما أقولك .. انت ابوك بيشتغل إيه ..

ــ أنا ابويا عنده فرشة جرايد في أول بولاق ابو العلا الناحيه التانيه ..

ــ الله .. غريبة .. دا زميلي و صاحبي .. أنا عارفه .. احنا مش أغراب عن بعض يعني انتم زي اولادي .. (و أخرج الأستاذ ورقة نقدية من جيبه و ألقاها للصديقين فتلقفها أحدهما)

ــ زميله فين يا بيه .. هو انت عندك فرشة جرايد كمان .. طب بتقعد فين ..

ــ ابوك بيبع الجرايد .. و أنا بأكتب في الجرايد .. يعني إحنا الاتنين بتوع جرايد .. نبقي إحنا الاتنين زملا و أصحاب كمان .. خد الفلوس دي و ادخل كل اللي انت عاوزه انت و صاحبك و علي الله تقول لأ .. و أنا هأبقي أروح لأبوك أحاسبه ..

و بالفعل أسرع الطفلان يدخلان إلي ذلك العالم الغريب الذي كانا يتطلعان فيه بشغف منذ قليل ..

إنتهت القصة التي كنت شاهداً عليها .. رحمة الله و بركاته علي صاحب القلب الكبير كامل زهيري .. الكاتب في الجرايد .. زميل بياع الجرايد ..