أقسام







مجلة حراس مصر

مجلة حراس مصر
مصرية ..باقلام وطنية تحت التأسيس

حول مذابح الصحفيين


بقلم .. د. إسماعيل إبراهيم
عندما وصلت إلي سن الستين ورأيت ما حدث لبعض الزملاء في الأهرام وغيرها من المؤسسات الصحفية المسماة بالقومية، وفي إطار مقاومتي لهذا الإجراء، مع الزميل عادل شفيق الصحفي بالأهرام، وبعد أن تحثنا أنا وهو عما يحدث من قتل للكفاءات في برنامج مانشيت مع الزميل جابر القرموطي علي أون تي في كتبت عدة مقالات في جريتي الأحرار ونهضة مصر عن مذابح الصحفيي، وللأسف طنش الزملاء يومها ولم يتفاعلوا معنا
ظنا منهم أننا نتحدث عن حالات فردية، حتي حدث ما يحدث الآن، وتذكيرا لهم وللجميع هذا هو مقالي الأول الذي نشر بتاريخ 10مايو الماضي، لعلنا نستطيع أن نتوحد ونقولا لا لقتل رواد صحافتنا:
يوميات مصرية:
إنهم يقتلون خيول الصحافة!!
بوصولي إلي سن الستين اكتشفت كم كنا مغفلين، ولا تتعجبوا من ذلك، فالمغفل هو من يري حقوقه مسروقة أو منهوبة، ولا يعترض أو يفعل شيئا، وهو أيضا الذي يمكن الضحك عليه،ويرضي بالفتات،وللأسف كان هذا هو حال معظم المصريين في عهد" اللامبارك"،اكتشفت ياسادة كم كنت أنا وأمثالي مسروقين، ومنهوبين ومضحوك علينا من رؤسائنا وقادتنا وحكامنا،وأننا لم نكن بالنسبة لهم سوي ألات أو تروس في ألات تعمل، وحتي إذا انتهي عمرها الافتراضي ، تم التخلص منها وألقائها في أكوام الخردة.
وأنا طفل صغير كنت أسمعهم يتحدثون عن " خيل الحكومة" ، ولكثرة ترديد هذه الكلمة سألت عن معناها، فقيل لي يومها، أنها الخيل الكبيرة في السن، التي لم تعد قادرة علي العمل، وأنهم يتخلصون منها رميا بالرصاص، أي أنهم يطلقون عليها" رصاصة الرحمة"، وهاهو اليوم قد أتي لأكون أنا وزملائي في مهنة الصحافة من خيول الحكومة، أو بمعني أصح من خيول الصحافة،فالحكومة لم تطلق علينا رصاصة الرحمة، فقد أجازت لنا المد إلي سن الخامسة والستين، والاستفادة من خبراتنا، ولكن للأسف من يطلقون علينا الرصاص هم زملاء لنا، شاء لهم القدر أن يكونوا هم رؤساء التحرير أو رؤساء مجالس إدارات الصحف،فراحوا بدلا من تكريمنا ، وتكريم أنفسهم، لأنهم غدا سيكبرون ويهرمون مثلنا،راحوا يعرضوننا للمهانة، والقتل الرحيم، بعدم التجديد، ذلك الحق الذي يستخدمونه بلا قاعدة أو منهج، يمدون لم أرادوا، ويطلقون رصاصة الرحمة علي من شاءوا.
اكنشفت كم كنا سذجا، يوم كنا نري حقوقنا متقوصة ولم نتحرك لنقول لمن يسرقها، تبت يديك،ولا ندافع عن تلك الحقوق، أكتشفت كم هي ظالمة تلك الحكومات التي تسرق موظفيها وعمالها، وتتركهم يعملون في ظل ظروف عمل قاسية ، يقضون زهرة العمر عاملين منتجين، رغم كل هذا الظلم، وعندموا يصلون إلي سن التقاعد يكتشفون أن هناك ظلم أكبر وأكثر مدي وطغيانا ينتظرهم، وهو أنهم لايتقاضون معاشا، وإنما يتقاضون "بدل شحاته" وهذا هو الوصف الصحيح لذللك المعاش الذي يحصل عليه العامل أو الموظف المصري بعد أربعين أو ست وثلاثين عاما من العمل الشاق والمضني، في ظل أجور متدنية، ورعاية صحية واجتماعية وهمية.
أعود إلي خيول الصحافة الذين طالما دافعوا عن حقوق الناس وقضاياهم، وهم الآن لايجدون من يدافع عنهم، ولا حتي بين زملائهم الذين شاءت حظوظهم أن يتولوا مناصب قيادية، تنقلهم بجرة قلم من خانة" المديونير" التي يعيش في داخلها غالبية الصحفيين، إلي خانة" المليونير" فهم بتولي هذه المنتصب ينتقلون إلي شريحة السادة، تاركين العبيد في آتون العبودية تلهبهم نيران الأسعار وغول المعيشة اليومية، وبدلا من أن يشعرون بما يعانية الزملاء، الذين كانوا منهم قبل أيام أو سنوات ، نراهم راحوا يتعللون بالميزانيات، والموارد والمصاريف، في الوقت الذي يعلمون فيه جيدا، أن بعض القادة في المؤسسات الصحفية، وليست القومية وحدها يتقاضون في الشهر الواحد، ما يتقاضاة بعض الزملاء أصحاب الكفاءة والخبرة والمهارة طوال سنوات عملهم كلها، وقد حدث ذلك بالفعل مع زميل لنا في مؤسسة الأهرام، توفاه الله منذ عام تقريبا بعد رحلة عمل صحفية قاربت علي الخمسين عاما، وكان رئيس تحرير الأهرام في ذلك الوقت تلميذا له،في جلسة ودية سألته: بعد كل هذا العمر كم ادخرت، وكم ربحت من أموال؟، قال لي: ما خرجت به طوال عمري من مرتبات ومكافئات وبدلات سفر وغيرها، لايعادل ما يحصل عليه رئيس التحرير في شهر واحد!!.
هذه حقيقة وليست مبالغة عشناها طويلا، وكم كنا حمقي ومغفلين، يوم تركناهم يفعلون ذلك، ويوم سمحنا لهم أن يسرقونا، ولكنها كانت سمة العصر،ونظام وضعه أبو الفساد الذي كان يحكمنا، حيث أراد أن يشتري زمم وضمائر وولاء رؤساء التحرير ومجالس الإدارات،حتي يكونوا أدوات وأبواق له، فترك لهم الحبل علي الغارب، يغرفون من أموال المؤسسات كما يحلو لهم،ولكن للحقيقة، لم أر أي من رؤساء تحرير هذا العهد البائد يطلق رصاصة الرحمة علي صحفي زميل لهم، بل كانوا كرماء، واكتفوا بما يحصلون عليه، وتركوا من يقدر علي العمل يواصل العطاء والإنتاج.
أنا لست متحيزا لجيلي من الستينيين، ولست ضد أن يأخذ جيل الشباب من الصحفيين فرصته في القيادة وتولي المسئولية، ولكنني ضد أن نتعامل مع الصحفيين أصحاب الخبرات والمهرات، الذين أفنوا أعمارهم في صحفهم، وفي الدفاع عن الحقوق،و تعرضوا للعسف والظلم، مقابل مرتبات زهيدة، أن يعاملون معاملة" خيل الحكومة" مع الأخذ في الاعتبار أن الصحافة مهنة تكتسب فيها الخبرات بالتقادم وتراكم الخبرة،ونحن في مهنة الصحافة أحوج ما نكون إلي جيل من الأساتذة لتعليم الشباب وإكسابهم الخبرة، خاصة ونحن لانعتمد علي كليات الإعلام وأقسام الصحافة في سد حاجات المؤسسات الصحفية، وإنما يعمل بالصحافة كل الخريجين،فلابد من وجود ورش وأساتذة في كل جريدة لصقل مواهب الوافدين الجدد.


Ismail_ibrahim53@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

المشاركات الشائعة

اعلان

مجلة حراس مصر تصميم بلوجرام © 2014

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدفاع للتنمية وحرية الاعلام والابداع ..الاراء المكتوبة مسؤلية اصحابها . يتم التشغيل بواسطة Blogger.