أقسام







مجلة حراس مصر

مجلة حراس مصر
مصرية ..باقلام وطنية تحت التأسيس

" يحي أبو دبوره " ومباحث أمن الدولة .. يوسف عبد الكريم

تأويل الأحاديث  
يوسف عبد الكريم 


يحي أبو دبوره .. اسم الفنان القدير الراحل احمد ذكى في فيلم " ارض الخوف " من إخراج  داود عبد السيد
 تدور أحداث الفيلم حول قصة معقدة لصراع الخير والشر , تمر حياة البطل بمنعطفات غريبة , خلال نهاية عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر , وبداية عهد الرئيس  أنور السادات .
حيث تحول الضابط  " يحي " إلى " يحي أبو دبوره " كما لقبه المجرمون في السجن بعد ذلك  ,
فقد تحول من  ضابط شرطة  يعد مثالا للشرف والنزاهة  رفض الرشوة , و قام بعمل قضية ضد شخصية مهمة في الدولة لإيمانه  أن الجميع أمام القانون سواء وان المدينة الفاضلة لن تتحقق  إلا إذا قام كل منا بعمله كما ينبغي  , ولم يستحب إلى الضغوط التي تم ممارستها من قبل شخصيات أكثر أهمية لغلق هذه القضية   .
فتم تلفيق قضية رشوة للضابط الشريف , فصل على أثرها من عمله كضابط وتم الحكم علية  بالسجن وأصبح " أبو دبوره " من رجل دولة إلى مجرم .

وتحدث المفارقة الأولى في حياة  " أبو دبوره " الذي تحول من ضابط  يحلم بالعدل والإنصاف وسيادة القانون  , إلى مجرم في نظر الناس فقط لأنه ضابط شريف .
وفى هذه الأثناء تحدث المعجزة التي تنتشله من بين أنياب الضياع , بل تنتشله من حالة الكفر بالقيم والمبادئ ,  و بكل ما هو نبيل وراقي  التي كادت  هذه الحالة أن تنال منه ,
 فقد انتابه شعور أن الظلم والانحراف الأخلاقي هو السائد وان العدل والحق لا مكان لهم في هذه الدولة التي يأكل فيها الناس حقوق بعضهم البعض بوقاحة شديدة منقطعة النظير .
إلا أن المعجزة أطلت عليه من رحم  الدولة  , فقد كان جهاز المخابرات العامة فى هذا التوقيت , يبحث عن الدرر الثمينة  من أبناء الشعب لينضموا إلى كتائب الدفاع الصامت في كافة القطاعات ,  لبناء دولة هي كل ما لديهم وكل ما لدينا أيضا .
وقبل أن يصدر الحكم على " يحي  أبو دبوره " بالسجن  تم استدعائه إلى احد مقرات جهاز المخابرات واخبروه أنهم يعلمون ببراءته  وانه موضوع تحت الملاحظة الدقيقة وقد اثبت بالتزامه ونزاهته  انه قادر على تحمل الأمانة  والقيام بعملية وطنية   تحمل اسم  " ارض الخوف " ليدخل العالم السري  لتجارة المخدرات ,  لا يعلم تفاصيل هذه العملية  إلا رئيس الجمهورية و شخصيات محدودة . وعلية أن ينفذ عقوبة جريمة لم يرتكبها  ويفقد سمعته أمام الناس ويظل في عيونهم  " الضابط الفاسد " ليحميهم  من ضعفهم أمام المخدرات ,
 ويحمى الدولة من استهداف الصهاينة لأجيال المستقبل وتدمير صحتهم حتى يطفئون الشمس في عيون الغد بأيدي أبنائنا .
وبالفعل دخل " أبو دبوره " عالم الإجرام مارس القتل والبلطجة وتجارة المخدرات واكتسب ثقة كبار تجار المخدرات الذين يسطرون على هذه التجارة و في الوقت نفسه استطاع أن يضع يده على كافة منافذ دخول المخدرات ومواعيد التسليم
وتم السيطرة على هذه التجارة  غير المشروعة  , بفضل المعلومات الدقيقة التي داوم على تقديمها ,
ثم رحل الرئيس جمال عبد الناصر وجاء الرئيس أنور السادات وتم تغير النظام السياسي .
 وتم اقتصار عمل جهاز المخابرات على المهام الخارجية  وبعض التكليفات  الداخلية وأصبحت وزارة الداخلية وحدها هي المنوط بها  مكافحة المخدرات .

وظل " أبو دبوره " يرسل التقارير بالبريد على العنوان المتفق علية . ومرت السنوات ثم لاحظ عدم استخدام المعلومات التي يقدمها فظل يطلب مقابلة المسئول عن العملية,  ولا يجد رد .
 وبعد محاولات عديدة استمرت  لسنوات أخرى .اكتشف أن العملية قد انتهت  بتغيير النظام دون أن يخبره احد عن مصيره ,
ذهب ليخبر السلطات بعد أن تحول إلى شخص مطارد من تجار المخدرات ومن رجال مكافحة المخدرات .
 وبعد التأكد انه كان بالفعل مكلف من قبل الدولة وان كل ما قام به من جرائم كان في صميم عملة  الوطني المكلف به لحماية الدولة من خطر تدمير صحة المواطنين  

لم يطلب " أبو دبوره " عفوا لأنه لم يرتكب خطا بل طلب أن يحصل على  رتبته وان يكرم  على دوره الوطني وان يعامل كضابط شرطة قام بواجبه على أكمل وجه , وان يستعيد سمعته  التي فقدها من اجل الوطن .
وكانت المفاجأة  أن كل القادة الذين اشرفوا على العملية قد  ماتوا جميعا , وأصبح وحيدا  . والقيادات الموجودة قالوا له أن مهمته هي والعدم سواء ,
 في هذه الإثناء طلبوا منه  أن يسافر خارج البلاد حرصا على حياته التي أصبحت مهدده برغم تعين حراسة لا تتناسب مع حجم التهديد الداخلي والخارجي  .
ثم وجد نفسه تائها متسائلا هل أنا ضابط أم تاجر مخدرات  .؟
وتمتم باليأس والحيرة مع تتر نهاية الفيلم   قائلا " أحن إلى ارض الخوف بلا قدرة على العودة إليها مرة أخرى " إن حنينه للعمل ومكافحة الجريمة جزء من تكوينه.

ازعم أن مصر شهدت خلال السنوات الماضية حالات عديدة  على ارض الواقع تتشابه كثيرا مع قصة الضابط (يحي أبو دبوره ) مع الفارق أنهم كانوا يعملون في إطار مؤسسي داخل الأجهزة  أو خارجها .
 إنهم  ينفذون القانون الذي اوجب عيهم طاعة الرؤساء , والتفاني في العمل .
  لكنهم جميعا ضحايا لتغيير الأنظمة السياسية , فقد تعرض ضباط مباحث امن الدولة  وبعض رجال الدولة الشرفاء  في كافة القطاعات ,
لأقصى أنواع الإيذاء النفسي خلال الفترة الماضية بعضهم لقي حتفه  وبعضهم ينتظر وأيضا منهم من سافر إلى  الخارج  لتستفيد منه دول أخرى كخبراء في الأمن , وآخرون مازالوا جالسين  في المنازل يشاهدون  ويتحسرون  ويتألمون ويتساءلون ..؟  ثم يتمتمون لقد كنا ننفذ القانون ونقوم بواجبنا من اجل مصر .

إن من ثبت تورطه في فساد أو تجاوز  فالقانون أولى به ولا يوجد احد فوق القانون , والتجاوز وارد ,  فالمناصب السياسية والتنفيذية غير شاغرة للملائكة , والبشر يخطئ ويصيب .
أرى أن مصر في  اشد الحاجة لهؤلاء الضباط  الآن ,  لمواجهة الإرهاب , ولا ينكر احد أن الخبرة ثروة بشرية , وجهاز الأمن المصري   لديه خبره أمنية رفيعة المستوى . و قد استفادت منها دول عربية بعد أن جعلنا من ضباطنا  طرائد , منبوذين في عيون البعض , نظرا  لوجود نزعه انتقامية لدى البعض من أنصار التنظيمات المتطرفة وعملاء الدول الأجنبية .

لقد أصابهم بالغ الضرر فقط لأنهم كانوا على غير هوى تنظيم الإخوان المتطرف
الذي تخلصت مصر من شره الأسود وفى طريقها للتعافي بفضل الله ,
وإذا كان هناك خلل في بعض القوانين التي تحمى الحريات ,  ينبغي عدم توجيه  اللوم إلى منفذ القانون .بل علينا توجيه اللوم لأنفسنا أولا  ,  لأننا سمحنا  لبعض رجال الأعمال أن يشتروا الأصوات في الانتخابات , بل ويسيطرون على البرلمان لحماية مصالحهم  فضاق الحال على الناس  .
لقد  تركنا الحياة السياسية  لبعض الأفاقين والمنافقين ومدعى السياسية وتركنا صناديق الاقتراع  للمزورين وسماسرة الانتخابات .
 بالتالي فقدنا  قدرتنا على سن التشريعات التي  تخدم الوطن والمواطن . ثم جلسنا ساخطين نلعن النظام  نكثر الحديث في الأوقات التي لا جدوى فيها من الكلام .
في النهاية سأختم حديثي بعبارة الراحل احمد ذكى في فيلم ضد الحكومة
" كلنا فاسدون ولا استثنى احد"
لذا علينا جميعا أن نتخلص من روح الانتقام ونحاول انتزاع الأمل من بين أنياب الصعاب .

انه وقت التحدي والإرادة وتقديم المصلحة العليا للبلاد  , كل يعمل على ذلك في مكانه , ولنبحث عن القواسم المشتركة ,  لنقدم أفضل ما لدينا لإنقاذ مصر  . فالحرب مازالت مستمرة .. و مصر والوطن العربي في خطر
رحم الله الفنان القدير احمد ذكى ورحم الله مصر وحفظها من كل شر .  
 


ليست هناك تعليقات:

المشاركات الشائعة

اعلان

مجلة حراس مصر تصميم بلوجرام © 2014

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدفاع للتنمية وحرية الاعلام والابداع ..الاراء المكتوبة مسؤلية اصحابها . يتم التشغيل بواسطة Blogger.