"الشيطان الأمريكي" الشيطان الوحيد الذي "تراه" و لا تتعوذ منه ..بقلم مؤنس زهيري

ثورة الشعب الحادثة الآن علي حكم جماعة الإخوان المسلمين ليست موجهة في المقام الأول للجماعة وحدها .. إنما هي أيضاً موجهة ضد الشيطان الأمريكي الذي سارع بالإلتفاف حول الجماعة عندما تأكد قبل عام مضي أن نجاح أعضائها في إنتخابات مجلس الشعب بات وشيكاً فبدأت رسله في التوافد علي القاهرة و زيارة مقر الجماعة الرسمي و لقاء قياداته الفاعلة صاحبة اليد العليا في تسيير أمورها و إتخاذ قراراتها .. 
.. و كانت رؤية مخابراتية صائبة لذلك الشيطان أن أسرع الخطي نحو "قلوب" تلك القيادات ليغزوها و يتملكها .. و من العجيب أن تلك القلوب فرحت و سعدت بغزوه .. فكانت اللقاءات و السلامات و التحيات المباركات من أصحابها إليه .. فلم يترك الشيطان الأميركي الذي جاء متلبساً في شخص جون كيري أحد أهم القيادات الأمريكية الرسمية - و غيره من القيادات الأمريكية - قيادة في الجماعة إلا و إجتمع بها ليتملك قلبها و يستشف رأيها و يدرس فكرها و يعرف خططها المستقبلية في أهم بلد في منطقة الشرق الأوسط كلها .. إلي جانب تقديم كل مغريات الدعم و التأييد و المساندة و الإعتراف بوجودها علي راس الدولة المصرية دولياً ..
.. و ما إن إستقر مقام مجلس الشعب المصري في قبضة جماعة الإخوان حتي كانت إنتخابات الرئاسة المصرية التي أوضحت تقارير أمريكية عديدة أن الشيطان الأمريكي هو أول من بارك تقديم مرشح عن الجماعة لخوضها .. و تقدم المرشح و فاز بمنصب الرئاسة المصرية .. و هنا بدأ الشيطان الأمريكي يظهر في صورة جديدة تتناسب مع غزو قلب قيادة بقامة رئيس الدولة المصرية .. فهو رئيس دولة قامت ثورتها مطالبة بالحد الأدني من الحياة الإجتماعية التي تليق ببني البشر في القرن الحادي و العشرين .. و هو أيضاً رئيس دولة مدمرة إقتصادياً تكاد مواردها أن تنضب و تجف منابعها فيصل شعبها إلي حافة الجوع .. و هو أيضاً رئيس دولة مؤسساتها في شبه حالة إنهيار لا تمكنها ظروفها من إعادة تنظيمها لتواصل العمل و الإنتاج و المطالب دائماً بتوفير إحتياجات الشعب الأساسية التي تضمن له الحياة .. 
.. و هنا كانت خطة الشيطان للسيطرة علي رئيس الدولة المنهكة المتعبة المثخنة بالجراح .. و قد بدأت خطة الشيطان علي محورين متوازيين .. المحور الأول ظهور صندوق النقد الدولي و تقديم أكبر قرض في تاريخ الدولة المصرية يستغرق سداده أمداً طويلاً يخضع خلالها إقتصاد الدولة لأوامر و توجيهات الصندوق حيث كان القرض الذي يقترب من خمسة مليارات دولار .. و في ذات الوقت يبدأ المحور الثاني من خلال تأجيج الفتن و إثارة الجدل في الشارع المصري بين أبناء الوطن ليبقي مهتزاً متزلزلاً أطول وقت ممكن حيث لا يمكنه بأي حال من الأحوال تحقيق الهدوء و الإستقرار و الأمن الداخلي للإسراع في دوران منظومة الإنتاج العملية و البدء في سداد أقساط القرض و فوائده ..
"الشيطان الأمريكي" الذي يثور عليه الشعب المصري الآن لا يريد أن يستمر خاضعاً لهمزاته حتي لو كانت مارة عبر أكبر فصيل سياسي فيه ..
"الشيطان الأمريكي" يرانا هو و قبيله و لكننا أيضاً نراه .. و لا تريد فئة الحكم أن تتعوذ بالله منه و تنهض بالأمة المغلوبة علي أمرها لتبدأ مرحلة الإعتماد علي النفس و بدء العمل و الإنتاج المصري بسواعد مصرية و عقول مصرية و إجتهادات مصرية ..
و لهذا كانت ثورة الشعب علي ذلك "الشيطان الأمريكي" .. الشيطان الوحيد الذي يراه و يريد أن يتعوذ بالله منه .. لكن بعضهم لا يريدون .. مع أن صالحهم في جمعهم بين أحضان شعبهم و لا مكان لهم بين أحضان ذلك الشيطان الذي يتلاعب بهم .. و بنا أيضاً و لو مرغمين ..