صحافة لا يخشاها إلا "مجرم"

مؤنس زهيري كاتب صحفي مصري 

     مؤنس زهيرى  يكتب "  على باب الوطن "         

ما شهدت فئة مهنية من عديد الفئات المهنية التي تشكل المجتمع عداوة و ترصداً و تنمراً بالسوء كمثل ما تشهد مهنة الصحافة و بقدر ما يعاني منه أبناء هذه المهنة الآن .. ما كل هذه "البهدله" التي تقع علي المهنة .. و ما كل هذه "المرمطه" التي يعاني منها الصحفيون و ما كل ذلك التشهير و تلويث السمعة التي يتعرض لها أصحاب القلم الذين ساهموا – و مازالوا يساه

مون – في بناء الوطن منذ ظهرت مهنة الصحافة في مصر قبل أكثر من مائتي عام مضت مع قدوم الحملة الفرنسية إلي مصر .. هذه المهنة لها في تاريخ الوطن نصيب أكبر من اي مهنة أخري مع كامل الإحترام لكل المهن الأخري ..
الموضوع أكبر من إهمال حقوق صحفيي جريدة مثلما يحدث مع صحفيي جريدة الشعب الذين تمتد أزمتهم لأكثر من إثنتي عشرة سنة مضت منذ إغلاق جريدتهم و ذلك علي الرغم من توصلهم إلي إتفاقات تم إعتمادها بصفة نهائية من الجهات الرسمية لحل مشكلتهم .. و الموضوع أكبر من محاولة تحويل صحفيي مجلة الإذاعة و التليفزيون من صحفيين إلي موظفين إداريين و نفي صفة الصحفي عنهم بخصم البدلات الصحفية المخصصة لهم من رواتبهم الشهرية .. و الموضوع أكبر من مأساة عدم توفر مرتبات العاملين في مؤسسة صحفية بقيمة مؤسسة دار التحرير .. و الموضوع أكبر من الإهمال المتعمد لصحفيي الجرائد الحزبية المتوقفة عن الإصدار و ما أكثرها .. الموضوع أكبر من هذه الازمة أو تلك .. الموضوع الذي يجب الإلتفات إليه هو محاولة "كسر" قلم الصحافة التي طالما عاشت بصحفييها شوكة في حلق الفساد و أصحابه فكشفت من كشفت و فضحت من فضحت حتي عاد بعض الحق لأصحابه .. قلم الصحافة الذي لم يكتفي بكشف وقائع فساد مالي فقط .. بل إمتد سِن ذلك القلم ليكشف وقائع الفساد السياسي الذي يشهد أزهي عصوره الآن من تحالفات و تضامنات و مواءمات و تربيطات إلي آخر ما تتضمنه أشكال السياسات "الإنتخابية" من إتفاقات خاصة ما سوف تشهده مصر خلال الفترة القادمة بعد قليل من إنتخابات برلمانية أو رئاسية محتملة .. ما يحدث اليوم من تنكيل بمهنة الصحافة و قهر للصحفيين في جريدة الشعب و مجلة الإذاعة و التليفزيون يمكن ان يحدث غداً لأي صحفي في أي مؤسسة قومية كمثل مؤسستي الأهرام و أخبار اليوم .. و من يضمن منكم البقاء حياً بعد ساعة من الآن يمكنه أن يضمن عدم المساس بالمؤسستين الكبيرتين بعد كل ما يحدث مع صحفيي الجريدة و المجلة ..
إنها قضية "مهنة الصحافة" بصفة عامة التي لا يخشاها إلا "مجرم" يدرك مدي قوة تأثيرها علي الرأي العام فيحاول كسر أقلام صحفييها ..

جزء من التاريخ المجيد للصحافة المصرية "اللي بتتبهدل دلوقتي" ..

-------------------------------------------------
{عام 1798} أقام نابليون بونابرت أول مطبعة في بولاق و صدر منها جريدة "كورييه دي ليجيبت" او "الجوانب المصرية" و جريدة "لاديكاد اجيبسيان" او "العشرية المصرية" لأنها كانت تصدر كل عشرة أيام ..
{عام 1821} أقام محمد علي باشا المطبعة الاميرية في بولاق
{عام 1828} أصدر محمد علي باشا جريدة الوقائع

 المصرية
{عام 1875} أصدر الأخوان سليم و بشارة تقلا جريدة "الاهرام"
{عام 1877} أصدر جمال الدين الأفغاني مجلة "مصر" الاسبوعية
{عام 1877} أصدر يعقوب صنوع جريدة "ابو نضارة" الهزلية
{عام 1877} أصدر ميخائيل أفندي اول جريدة مصرية باسم "الوطن"
{عام 1878} صدرت جريدة "الاسكندرية" الاسبوعية لصاحبها سليم الحموي
{عام 1879} صدرت جريدة "الكوكب المصري" لصاحبها الشيخ محمد وفاء
{عام 1880} صدرت جريدة "المحروسة" لصحبها سليم نقاش
{عام 1880} صدرت جريدة "الوقائع" بشكل جديد برئاسة الشيخ محمد عبده
{عام 1884} صدرت جريدة "العروة الوثقي" اسسها الافغاني و محمد عبده
{عام 1885} صدرت جريدة "المقتطف" لصاحبها يعقوب صروف
{عام 1888} صدرت جريدة "المقطم"
{عام 1889} صدرت جريدة "المؤيد"
{عام 1892} صدرت جريدة "الاستاذ"
{عام 1900} أصدر الزعيم مصطفي كامل جريدة "اللواء"
{عام 1907} أصدر احمد لطفي السيد جريدة "الجريدة"
مؤسسة الأهرام تأسست عام 1875 ...
مؤسسة دار المعارف تاسست عام 1890 ...
مؤسسة دار الهلال تأسست عام 1892 ...
مؤسسة روز اليوسف تأسست عام 1925 ...
مؤسسة أخبار اليوم تأسست عام 1944 ...
مؤسسة دار التحرير تأسست عام 1953 ...
وكالة أنباء الشرق الأوسط تأسست عام 1955 ...

إغلاق جريدة يعني إسقاط وتد يقوم عليه وطن ..----------------------------------
.. و ما تلك العلاقة بالغة القوة التي تربط صحفي بجريدته ليظل مناضلاً دؤوباً لا يكل و لا يمل طوال إثنتا عشرة عاماً في سبيل منع إصدار شهادة وفاتها من "مجلس" سجل مدني الصحفيين إلا الإيمان بـ "معني الجريدة" .. هذا المعني العظيم الذي لا يستوعبه فكر أو إدراك كتبة السجل المدني الذين ينظرون إلي الجريدة فلا يرون منها إلا الورق الأبيض .. أما المكتوب عليه فلا يراه إلا "أصحاب القلم" الذين من أجلها يناضلون ... عن جريدة الشعب أتحدث كنموذج إيمان و كفاح ..