أقسام







مجلة حراس مصر

مجلة حراس مصر
مصرية ..باقلام وطنية تحت التأسيس

"السياسة" في "الكراسة" .. بقلم مؤنس زهيرى

مؤنس زهيرى كاتب صحفى مصرى 
 في مدرسة مصر القومية الإبتدائية المشتركة الواد محمود اللي في رابعه خامس إتخانق مع الواد صموئيل اللي في سته أول .. الأستاذ رمزي الناظر عرف قال يا نهار اسود ما داهيه لا تكون فتنة طائفية عندي في المدرسة هاتولي العيلين دول بسرعة هنا .. الفراشين جريوا جابوا الولدين وقفوا قدام الناظر مرعوبين .. الناظر سألهم : انت يا واد انت وهو مش طول عمركم أصحاب إيه اللي حصل منك له و من غير كدب ضربتوا بعض ليه .. صموئيل قاله أصل محمود يا أستاذ بيتريق علي حزب الدستور و إسأله حضرتك .. الناظر سأل محمود إيه اللي حصل يا محمود بتتريق علي حزب الدستور إتكلم .. رد محمود .. أصي يا أستاذ يمزي أنا بأسأله هو البيادعي ده واخد جايزة نوبي في إيه و هو أول ما سألته قام ضايبني و هو بيصيخ في وشي و قايي إنت بتتييق علينا ...
(قصة تخيلية لكنها من الممكن جداً أن تحدث طالما أصبحت المدرسة مجالاً لمشاركات الأحزاب السياسية لتحسين البيئة المدرسية و صيانة الفصول بقرار من وزير التربية و التعليم و بدأه بمشاركات حزب الحرية و العدالة) ..
فعلي أي أساس يسمح وزير التربية و التعليم المصري لحزب سياسي بالتواجد في "المدرسة المصرية" .. و كيف يسهل الطريق للقاء التلاميذ الصغار بمحترفي السياسة من الكبار إلي ذلك الحد .. كل هذا بسبب ضيق ذات اليد لموارد الوزارة المالية .. فإن كان الأمر أن من يملك الدعم المادي يمكنه الولوج إلي فناء مدرسة الأطفال الصغار فلا مانع أبداً من إقامة شاشة عرض سينمائي في "الفسحة" و عرض أغنية "بأحبك يا حمار" .. و الإستمتاع بمشاهدة فيلم "بون سواريه" عقب إنتهاء اليوم الدراسي ...
إنها لكارثة و الله بكل المقاييس .. أن يسمح وزير التربية و التعليم لحزب سياسي – حزب الحرية و العدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين - بالتواجد في المدرسة المصرية بدعوي مساهمة ذلك الحزب بما يملكه من إمكانيات مادية هائلة في تحسين البيئة المدرسية و صيانة الفصول .. حيث برر الوزير ذلك الأمر "أن ميزانية التعليم لا تكفي لقيام الوزارة بدورها في منظومة التعليم و بالتالي فهي تحتاج لدعم المجتمع المدني و التطوعي لتحسين البيئة التعليمية" .. إنتهي كلام وزير التربية و التعليم الكارثة هو و كلامه .. 
وعلي أي أساس سمح الوزير بتواجد حزب الحرية و العدالة في المدرسة المصرية .. و هل تشاور في الأمر مع رئيسه المباشر و هو السيد رئيس الوزراء قبل إتخاذه ذلك القرار "المصيبة" .. و هل إستعان بآراء مستشاري الوزارة – و ما أكثرهم – في ذلك الأمر .. و هل إستطلع رأي أولياء الأمور المتواجدون دائماً في مجالسهم يجتمعون كل فترة في مدارس أبنائهم ..
قدراتي الذهنية و إمكاناتي العقلية لا تسعفني لتفهم هذا القرار "الجهنمي" الذي تفتق عنه "مخ" الوزير .. إن الموافقة "الرسمية" بتواجد أعضاء سياسيين محترفين بين جموع الأطفال الصغار لمتابعة أعمال تحسين البيئة و صيانة الفصول لهو أمر في غاية الخطورة علي تفكير أطفال صغار هم في دور التكوين العقلي و الفكري .. و مبرر مساهمة الحزب السياسي في دعم الوزارة لهو العذر الذي هو أقبح من الذنب فعلاً .. و هو ما تعلل به الوزير ليضفي صفة "الإضطرارية" علي قراره .. 
و من المعروف تاريخياً أن ميزانية وزارة التربية و التعليم في كل عهود الحكم السابقة كانت لا تكفي إنفاقات الوزارة أو مشاريعها التعليمية أو توسعاتها الإنشائية و لم نسمع مطلقاً عن إستعانة الوزارة بحزب له إمكانات مالية – الحزب الوطني مثلاً - لدعم الوزارة مثلما فعل الوزير الحالي .. و المدرسة المصرية طوال عمرها التاريخي لم تدخل معترك العمل السياسي لا من قريب و لا من بعيد و كانت سياسة وزارة التربية و التعليم الثابتة هي الإبتعاد تماماً عن الصراعات السياسية الدائرة خارج "أسوار المدرسة .. 
فما الذي جد لتدخل السياسة و تتربع في فناء المدرسة شريكاً أصيلاً فيها بـ"فلوسها" إلي هذه الدرجة .. و إذا كان الأمر كذلك .. فلماذا لا يدخل أيضاً حزب "الدستور" ليستأثر هو الآخر ببعض المدارس يتولي تحسين البيئة بها و صيانة الفصول فيها .. و ليشارك حزب "النور" في بعض المدارس الأخري .. و ليتولي حزب حمدين صباحي بعض المدارس هو الآخر .. و لا يوجد أي مانع من مشاركة حزب عمرو حمزاوي في صيانة بعض المدارس هو أيضاً مادام كل منهم يملك الإمكانات التي تؤهله للقيام بعملية الصيانة .. 
و هكذا يتولي كل حزب سياسي "صيانة" الفصول و "تربية" العقول للتلاميذ الأطفال الصغار منذ نعومة أظفارهم علي مبادئ و مفاهيم الحزب و إعدادهم و تجهيزهم لتشب كل مجموعة منهم علي مبادئ الحزب السياسي الذي دخل مدارسهم فقط لصيانة "دورات المياه" .. لينتهي الأمر أن كل حزب بما لديهم من أطفال المدارس التلاميذ فرحون بينما أولياء أمورهم خارج أسوار المدارس فزعون قلقون و ربما واقفون يبكون .. 
هذا قرار كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ .. و لا أعرف لمن أشكو .. فأينما تولي وجهك ستجد الحزب الشريك في المدرسة قائماً أمامك و "إحتمال يقولك موتوا بغيظكم كمان" .. إن دخول الحزب السياسي إلي فناء المدرسة المصرية هو أول خطوات هدم المدرسة المصرية التي عاشت منذ إنشائها في عصر الفراعنة لا تعرف طريق السياسة .. حتي "وقعت الواقعة" .. و لا حول و لا قوة إلا بالله ..

مؤنس زهيري

كاتب صحفي مصري
Facebook : Moanis Zoheiry

ليست هناك تعليقات:

المشاركات الشائعة

اعلان

مجلة حراس مصر تصميم بلوجرام © 2014

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدفاع للتنمية وحرية الاعلام والابداع ..الاراء المكتوبة مسؤلية اصحابها . يتم التشغيل بواسطة Blogger.