أقسام







مجلة حراس مصر

مجلة حراس مصر
مصرية ..باقلام وطنية تحت التأسيس

خطة الشيطانان البرناردان.(برنارد لويس. و ببرنار هنري ليفي) والشرق الأوسط المزعوم.. بقلم د.حسان رجب

                                                                  د. حسان رجب


المطلوب وفْقَ خطّة "برنارد لويس" نَشْر الفوضى، تَمهيداً لإنضاجِ الظروف المُلائمة لتقسيمِ البلدانِ المُسْتَهْدَفة وإقامة الشرق الأوسط الكبير نُلاحِظ سَخاءَ دُوَلِ الخليج في تَمْويلِ القُوى المُوكَلِ إليها إطاحةَ الأنظمةِ المُضَحّى بها (تونس ، مصر، اليمن) أو المطلوب تصفيتَها مهما حاولت التكيُّف مع المصالح الأمريكية كنظام القذافي، ومِن ثَمَّ قَبْض اليدِ في المرحلة التي تلي سقوط هذه الدُّوَل تحت أنظمة إسلامية فاشلة وعاجزة عن حَلِّ مَشاكِلِ المُواطن المَوروثة والحادِثة كي تكون هذه المشاكل عامِل اضطرابٍ إضافيّ يُعَمِّق ويُطيل في عُمْرِ "الفوضى الخلاّقة".

وَلَمّا تَمكّنتْ الجزائرُ مِن خلال الانتخابات الأخيرة ونتائجها أن تؤجِّلَ استِهدافَها، ذلك أنّها مازالت في المرمى، و"برنار هنري ليفي" يُدَبِّر لها أحداثاً جديدةً مع الأمازيغي "سعيد سعدي" والقوى الإسلامية الوهابيّة، في سيناريو قد يضعها بين فكّيّ كمّاشة ليبي – تونسي من جهة ومغربي من جهة ثانية، فقد تَمَّ حَشْدُ قوى المُعَسْكَر المُعادي لِضَرْبِ محوَر المقاومة والممانعة، بَدْءاً بضلعِهِ السوريّ الذي يُمَثِّل كَعْبَ آخيل لهذا التكتُّلِ الذي بدأ إقليمياً واتسعَ ليصبحَ دَوليّاً، ذلك أنَّ سقوطَ النظام الوطنيّ في دمشق، لا سَمَحَ اللهُ والشعبُ وجيشُه، يعني دُخولَ سوريّة نَفَقَ حَرْبٍ أهليّة تؤدّي إلى تَشْظِيَةِ الدولة السورية، لتنسحبَ هذه التشظية على لبنان والأردن والسعودية والعراق باتجاه إيران وروسيا والصين ،حيث تتمّ مُحاصَرةُ الأخيرتين وزَجُّ القطعان "الجهاديّة" صَوبَهما وصَوبَ الكياناتِ الإسلاميّة (الحاضنة) داخلهما وحولهما، وهذا ما يُفَسِّر صلابةَ مَوقِفِ بكين وموسكو المُسانِِدِ لسورية إلى جانب حرصهما على صيانة الشرعية والقانون الدوليين وتوازن السياسة الدولية فضلاً عن عناصر مُكَمِّلة مثل عَدّ موسكو سورية داخل مجال أمنها الاستراتيجي القومي ونافذتها على البحر المتوسّط والمكانة الخاصة لأماكن سورية معيّنة عند الكنيسة الأرثوذكسية، كما أنّ موسكو متنبّهة إلى أنّ سقوط نظام دمشق الوطني سيتيح لمحميّة قَطَر الصهيو أمريكية أن تضخّ صادراتها من الغاز بالأنابيب إلى الموانئ السورية ومنها إلى أوروبا ممّا سيُضعِفُ إيران وروسيا في سوق النفط العالمي، خاصة إذا نجحت واشنطن في مساعيها المحمومة إلى بَسْطِ سيطرتها على الغاز الجزائري، وفي الإطار نفسه يُشارُ إلى كَون العراق هو الاحتياطيَّ النفطيّ الأوّل في العالم وإلى أنّ إيران هي المصدر الأساس للنفط والغاز اللذين تستوردهما الصين لتأكيد الأمن الصناعي والاقتصادي الصيني. كلّ هذا يجعل الذاكرة التاريخية تستحضر " حربَ القَرَم 1853 – 1856 التي حاربت روسيا فيها ائتلافاً مُكَوَّناً من إنكلترا وفرنسا وتركيا وسردينيا نَظَراً لتصادُم المصالح الاقتصاديّة والسياسية لهذه البلدان في الشرق الأوسط ".

وَنَظَراً لتراجع الفكرةِ القَوميّة، تَمَّ حَشْدُ الجهود الشرّيرة الإعلامية والمالية والعسكريّة لِشَيْطَنَةِ الفكرة الوطنيّة التي تتماسَكُ حولها الدّولةُ السوريّة والتي يُمثِّلُ عصَبَها الجيشُ العربي السوري، مع العلم أنَّ الحلمَ القوميّ العربيّ في قلبِ العروبةِ النابض ما زالَ رَمادُهُ دافئاً بِفِعْلِ الجمْر الذي لم يَتَفَحَّم بَعْدُ، والذي تُشَكِّلُ القضيّةُ الفلسطينيّةُ الجمرةَ الكُبرى منه.

وعلى امتداد عام وسبعة أشهُر تقريبا، وبدءاً من الحراك "السلمي" الذي سَعَتْ القيادةُ السوريةُ إلى احتِوائه برزْمَةِ إصلاحات جذريّة، ومِن ثَمَّ عَسْكَرة هذا الحراك بغْيَةَ فَرْض السيناريو الليبي، وَزَجّ الجيش العربي السوري بهَدَف تفكيكه، في مواجهة عصابات مُسلّحة من تنظيم "القاعدة" و"السلفيين الجهاديين" والمرتَزِقة، وعلى الرغم مما لحق بالبنى الأساسية للدولة مِن دَمار، وما شهده أمنُ البلاد مِن اضطراب بَقِيَ الشعبُ السوريّ مُراهِناً على إرادة وعَزْم الجيش العربي السوري باقتِدارٍ على حَسْمِ الصّراع مَيدانيّاً، على الرّغم من الضخّ الإعلامي من أجل تصوير هذا الجيش وكأنّه يواجه الشعب، مِن خِلال الافتراء عليهما بالإدعاء أنَّ مَن يُمَثِّل الشَّعْبَ هُم هذه العصابات المسلّحة التي زَحَفَتْ على عبْرَ الحدود كافّة مِن كلّ حَدْبٍ وَصَوْب، بتدريبٍ وتسليح وتمويل علنيّ من واشنطن وأنقرة والرياض والدوحة بخاصة، وذلك بعد أن فشلت سلالةُ (أحمد الجلبي) السورية في مجلس اسطنبول وتَفَرُّعاته، وما عُقِدَ مِن مؤتمراتِ أعداء الشعب السوري في تونس واسطنبول وباريس وغيرها، مِن أن تُقْنِعَ المجتمعَ الدوليّ ومؤسساته بما في ذلك مجلس الأمن بأنّها تُمثِّل الشعبُ السوريّ أو تُعبّر حقّاً عن مصالحه الوطنيّة، وبعد أن خابَتْ كُلُّ المساعي إلى إقامة منطقة عازلة في البلدات أو القُرى المُتاخِمة لتركيا أو الأردن أو البحر المتوسط أو لبنان، أوفي داخل لبنان، ولم تُجْدِ نَفْعاً جهودُ العصابات المُسلحة في سَوْقِ آلافِ اللاجئين السوريين قَسْراً وقَهْراً إلى تركيا ولبنان والأردن وحتى العراق والجزائر وتونس، بل على العكس كشَفَتْ لهؤلاء اللاجئين عن حقيقةِ أن لا كرامة لسوريّ إلاّ في بلاده العزيزة وتحت سَقْف وطنه بين أهله الكِرام.

وفي هذا الخِضَمّ الدامي المُلتَهِب بَقِيَتْ مؤسساتُ الدولة السورية مُتماسِكَةً على الرّغم من تساقُطِ بعض الأوراق الصفراء القليلة في مهبّ إغواءِ البترودولار الشيطانيّ. وهنا نُشير إلى أنّ هذا البعض ينتمي إلى نُخَبٍ سياسية وثقافية لم تتأصَّل فيها الفكرةُ الوطنيّة ناهيك عن الفكرة القومية، ذلك أنّ مفهوم الوطن كفكرة اختُبِرَ عند هذا البعض في أوّل أزمة وجوديّة حقيقية تَعصفُ بالبلاد، فتبيَّنَ أنَّ هذا المفهوم مُرتبِطٌ عنده بالسلطة التي أدْمَنَ مَذاقَها، وعندما بَدا له أنّ ركائز السلطة بعامّة ونصيبه منها بخاصّة، حسب معطياته وتحليله الشخصيّ لها بدأت تهتزّ، سرعانَ ما ألقى بنفسه بعيداً عن القارب الذي يُصارع العاصفة، مُراهناً على خَشَبَةٍ أغْرَتْهُ بأنّها قد تُوصِلُه إلى سلطةٍ بديلةٍ قادِمة، ولكن سرعانَ ما سيتأكّد من أنه غادَرَ القاربَ في البحر الهائجِ إلى قَشَّةٍ في مُسْتَنْقَعِ الخيانةِ الوطنيّة، وهذا يعني أوّلاً أنّ هذا البعض كان انتماؤه ولا يزال إلى العشيرة والعائلة والبلدة ولم يتبلور في وجدانه وعقله مفهومٌ حقيقيٌّ للوطن السوريّ فما بالكَ بالوطن العربي، والمؤسف أنّ هؤلاء تسَلَّقُوا إلى السلطة مِن خلالِ حزْبٍ يُفْتَرَضُ أنّه يحمل مشروعاً قومياً عربياً! .

أمّا الأوراق الصفراء التي تساقطت مِن شجَرةِ النُّخَبِ الثقافيّة فقد اختارَتْ الولاءَ للمؤسساتِ الإعلامية والفنيّة البترودولاريّة التي يعود ارتباطها بها إلى ما قَبْلِ الأحداث التي تشهدها البلاد، وبعبارة أخرى اختارَت مُوالاة مَن ينفخ جيوبَها بالأوراق النقدية. وفي هذا المناخ شهدَتْ المنابرُ الإعلاميّةُ المُعادِيةُ وبخاصّة القنَوات الفضائيّة منها ، تَكاثُرَ "الرُّوَيْبِضات " التي تدّعي النّطْقَ باسم الشعب السوري والحرْصَ على مَصالِحِه . و"الرُّوَيْبِضة" حسب تَفسير الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم هو "الرَّجُل التافه يتكلّم في أمْرِ العامّة" فهذه الظاهرة إذَنْ ظاهرة عرفَتْها مجتمعاتُنا العربية منذ بدء الرسالة المحمدية.

ليست هناك تعليقات:

المشاركات الشائعة

اعلان

مجلة حراس مصر تصميم بلوجرام © 2014

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدفاع للتنمية وحرية الاعلام والابداع ..الاراء المكتوبة مسؤلية اصحابها . يتم التشغيل بواسطة Blogger.