كامل زهيري .. صديقي الذي أفتقده : بقلم مؤنس زهيرى

مؤنسزهيرى كاتب صحفى مصرى 

آهـٍ من ذلك الرجل النائم امامي في غرفة نومه بينما انتظره واقفا علي بابها ليستيقظ و يذهب معي الي المدرسة يلتقي و الناظر الذي لن يدخلني من الباب بدونه .. ما كل تلك الاوراق المبعثرة علي الفراش .. و ما كل تلك الكتب المفتوحة و الجرائد المصرية و العربية و الفرنسية الملقاة هنا و هناك علي ارض الغرفة .. كيف يكون ابا و ينسي ابنه الي هذه الدرجة .. تماما كما نسي وعده لي من قبل بقضاء اسبوع اجازة في الاسكندرية عندما كبرت بضعة سنوات قليلة ..

و فيما بين وقفتي امامه نائما في غرفة نومه انتظره يستيقظ .. الي وقفتي امامه في نومته الابدية قبل اربع سنوات مضت عند مدخل نقابة الصحفيين حيث كان بيته الاول و الاخير كانت رحلتي معه .. علي باب نقابة الصحفيين شاهدت الابناء الفعليين لكامل زهيري .. شاهدت الابناء الذين كان بينهم ساهرا لتقفيل العدد الجديد من مجلة الهلال و عندما اطمأن عليه ذهب الي منزله فنام و نسيني واقفا علي باب غرفة نومه .. شاهدت صحفيا كان معتقلا في الاسكندرية ذهب اليه مصرا علي الافراج عنه و الا بات في المعتقل بجانبه فعاد به الي القاهرة و نسي وعده باجازة البحر لابنه ..

كان ابا هاويا الي اقصي درجات الهواية .. و صحفيا محترفا الي اقصي درجات الاحتراف .. كان رب اسرة اكبر من اسرته الصغيرة المثبتة في بطاقته العائلية .. اسرته الاكبر كانت بتوقيعه علي بطاقات عضوية اعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين ..

هو لم يكن ابا بل كان صديقا اكبر .. يستطيع ان يمتص غضبك من عدم شرائه لقميص العيد بالحديث عن طلعت حرب مؤسس اول شركة مصرية للغزل و النسيج .. و يحتوي ثورتك لعدم شراء الدراجة هدية نجاح الشهادة الابتدائية فيستبدلها لك بالموسوعة العربية الميسرة في الف صفحة و يزيد .. اما اذا طلبت هدية السفر عقب عودته فلن تجد في حقيبته الا هدية واحدة لا تتغير .. علبة الوان .. مرة الوان اقلام ومرة فلوماستر و مرة جواش و هكذا ..

احييك يا صديقي الذي أفتقده .. ارسل لك كلمة اكتبها بقلم من علبة الوانك .. اقدم لك حبي و عرفاني أسطره علي ورق الدشت الذي كنت تعشقه ..

اراك تطل من السماء علي تلميذك و ابنك الذي استمتع بك الاقل ليستفيد منك اخوته الاكثر .. اتراني استطعت ان اكون ابنا لعظيم مثلك .. لا اعتقد فالعظماء مثلك لا يتكررون ..