أقسام







مجلة حراس مصر

مجلة حراس مصر
مصرية ..باقلام وطنية تحت التأسيس

حتي لا يُلدغ المؤمن من الجُحر مرتين ..بقلم مؤنس زهيري

مؤنس زهيري .كاتب صحفي مصري  
ما يهمني عند تقييم اي إتجاه سياسي هو برنامجه الإقتصادي .. فالاقتصاد هو عصب الدولة و هو حياة المواطن اليومية .. و الاقتصاد هو الباعث الأساسي لأي ثورة في أي مكان في العالم .. هذه الثورات لا تفرق بين دولة في العالم الأول أو أخري في العالم السحيق ..

و في مصر كانت تقلب السياسات الاقتصادية حاداً و عنيفاً .. فمن السياسة الاشتراك
ية التي تتبني القطاع العام في ستينيات القرن الماضي .. إلي الانفتاح الأهوج الذي تبني سياسات القطاع الخاص التي لا تعرف فكراً اقتصاديا تنموياً للمجتمع و أقصي ما تدركه هو تحقيق الربح السريع الخاطف من استيراد أو حتي تهريب أي بضائع ..

وصولاً إلي الفترة الكارثة التي قضت علي الإقتصاد المصري في ثمانينيات القرن الماضي و هي فترة شركات توظيف الأموال التي ما كان لها نشاط اقتصادي محدد الا مجال تجارة العملة بيع و شراء مستغلة حالة الانتعاش الاقتصادي التي هبت علي دول الخليج من جراء ارتفاع أسعار النفط التي أعقبت حرب اكتوبر 1973 ..

و إستقطبت تلك الشركات "العشوائية" التي لا تقوم علي أي فكر إقتصادي محترم كل دخل العاملين المصريين بدول الخليج و بدلاً من أن تتوجه التحويلات النقدية لهؤلاء العاملين نحو البنوك الوطنية تستخدمها في اقامة مشروعات اقتصادية بناءة إتجهت إلي شركات "الجهل" الاقتصادي التي استغلتها أبشع استغلال في اعمال تجارية سريعة خاطفة ليس لها هدف الا تحقيق المكسب السريع الخاطف لأصحابها .. و كان أهم تلك الأعمال هو تجارة العملة و أهم العملات كان الدولار الأميركي ..

و كانت الركيزة الاساسية لإستقطاب أموال العاملين المصريين في الخليج أن أرباح البنوك المصرية هي أرباح "حرام" لأن هذه البنوك تعمل بنظام الربا و أن أرباح شركات توظيف الأموال هي الأرباح الحلال لأنها تعمل وفق نظام الدين الاسلامي .. و فكرة الحلال و الحرام هذه متأصلة في نفوس الشعب المصري تأصلاً رهيباً لأنها من قوام نسيجه و عقيدته .. و ذلك هو ما استغلته شركات التوظيف أبشع استغلال ..

و من المؤسف أنه في الوقت الذي كانت شركات توظيف الأموال تعمل بكل قوة لتجميع أموال العاملين المصريين في دول الخليج .. كانت البنوك المصرية غائبة عن الوعي لم تدافع عن "حلال" أرباحها و "مشروعية" أعمالها الوطنية بحملة اعلانية واحدة تواجه بها الحملات الاعلانية الرهيبة التي كانت تطلقها شركات توظيف الأموال وقتئذٍ عبر وسائط الإعلام المختلفة و أهمها كان التليفزيون ..

الكارثة .. أن فكر شركات توظيف الأموال عاد ليُطل برأسه من جديد علي المجتمع المصري حتي و إن تغير "شكله" و تضخمت رؤوس أمواله فأصبحت بالمليارات .. فسيظل منطق الربحية الخاصة هو الحاكم علي حساب الشعب المطحون دائماً المكلوم بقياداته علي الدوام .. مجتمع رجال الأعمال و فكر القطاع الخاص الربحي الجشع هو منهاج الأداء الإقتصادي القادم بقوة ..

و تلك هي المصيبة التي ستفاجأ بها مصر قريباً جداً .. و أدعو الله الحكم العادل ألا يُلدغ "المؤمن" من الجُحر مرتين ..

ليست هناك تعليقات:

المشاركات الشائعة

اعلان

مجلة حراس مصر تصميم بلوجرام © 2014

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الدفاع للتنمية وحرية الاعلام والابداع ..الاراء المكتوبة مسؤلية اصحابها . يتم التشغيل بواسطة Blogger.