.."ولي النعم" اللي هدوا حيلك بيه يا مصر يا بلدي .. بقلم مؤنس زهيرى

مؤنس زهيرى كاتب صحفى مصرى 

                                      على باب الوطن 

في اي مكان في مصر كنت تجد "ولي النعم" .. 
في المصلحة .. في المدرسة .. في الجامعة .. في الهيئة .. في المؤسسة .. كان فيه "ولي النعم" .. له التزلف .. له النفاق .. له المجاملة .. له كل التودد .. له كل الشكر و العرفان .. كل العمل و الجد و الاجتهاد لكسب عطف و رضا "ولي النعم" .. لا ضمير يراعي .. و لا امانة تؤدي .. و لا مجهود يبذل .. المهم رضا "ولي النعم" ..

تخلف مجتمع لا يهم .. تأخر دولة لا يهم .. تقلص وطن لا يهم .. المهم رضا "ولي النعم" .. تدني مستوي تعليم لا يهم .. تفشي بطالة لا يهم .. انتشار مخدرات و جريمة لا يهم المهم رضا "ولي النعم" ..
رشوة و محسوبية و ظلم و ذل و اذلال لا يهم .. ضياع حق و تعدي علي حقوق لا يهم .. زيادة سرقات و كثرة انتحارات لا يهم .. المهم رضا "ولي النعم" ..
انتشار امراض و زيادة متسولين و بيع لقطع حية من الاجساد لا يهم .. تدمير نفسيات و تحطيم معنويات و قهر ابدان لا يهم .. المهم رضا "ولي النعم" ..
قتل النفس و وأد الطموح و خفت الأمل لا يهم .. تدني سلوكيات و تفشي تحرشات لا يهم .. امبارح زي النهاده زي بكره لا يهم كلها حياة بلا امل او هدف لا يهم .. المهم رضا "ولي النعم" ..
امي تموت بين ايديا و لا معايا قرش ثمن الدوا لا يهم .. ابني يطرد من المدرسة و لا في جيبي جنيه مصروفه لا يهم ..
ارتشي عشان الاقي ثمن اكلة ولادي لا يهم .. المهم رضا "ولي النعم" ..
ازعق في قسم البوليس و انا مظلوم انضرب لا يهم .. اشوف مصدوم من سيارة في الشارع ابعد عنه و لا انجده اخاف يتهموني فيه لا يهم .. المهم رضا "ولي النعم" ..
آه .. من "ولي النعم" اللي خلقوه علي الأرض .. و خلوني عبد ليه وحده و ذلوني بلقمة عيش عنده .. خلوني انسي صلاتي لربي و اصلي ليه ..
آهـ .. من "ولي النعم" اللي هدوا حيلك بيه يا مصر يا بلدي ..
يا رب .. يا صاحب الفضل .. يا ولي نعم السماء و الارض .. رجع لي نفسي و صلاتي و رجع لي بلدي .. و خد كل "ولي نعم" ..

**************************************************
"شخصية مصر" هي قضيتنا ..
-----------------------
يا سيدي .. لا تبحث عن نبي يصنع المعجزات فقد إنتهي عصر الأنبياء .. لكن إبحث عن قائد يفجر الطاقات فقد إنتهي عصر الضعفاء .. مصر تستحق أن يكون لها مكان بين الأقوياء .. ليست القضية في الاقتصاد الذي يتداعي يوماً بعد يوم فمشكلته محلولة و لو بعد حين .. إنما القضية الأخطر هي ذلك الهجوم الشرس العنيف علي حضارة مصر و تاريخ مصر .. بل و "شخصية مصر" بصفة عامة .. إنه "الجهاد" الأعظم الذي أعلنه البعض ليمحو شخصية مصر .. فإن لم ننتبه ستذوب شخصية مصرفي شخصيات الجهالة .. و سوف تلعننا أجيال المستقبل أن جيلنا كان شاهداَ و لم يفعل شيئاً نحو إنقاذ مصر و شخصيتها ..
************************************************
يا مصر يا موجودة في كل مكان .. إلا هنا ..
--------------------------------
في إحدي زيارات العمل في مدينة باريس إصطحبني صديقي الجزائري لصلاة الجمعة في مسجد كبير بعض الشئ يسميه اهل الحي بمسجد المصريين .. داخل المسجد و جدت منبراً قديماً عمره لا يقل عن مائة عام علي الأقل و عليه نقوش اسلامية بديعة جداً , و حيث أنني مغرم جداً بالفن الاسلامي اقتربت من المنبر أتفحصه و إذ بي أفاجأ بعبارة محفورة أعلي سلمه 

مكتوب عليها "إهداء من الملك فؤاد ملك مصر" .. سبحانك يا ربي .. ما الذي أوصل ذلك المنبر الضخم .. إلي ذلك المسجد .. في أحد أحياء العاصمة الفرنسية التي تضم المئات من الأحياء السكنية .. في ذلك البلد الذي يبعد عشرات الالاف من الكيلومترات عن مصر .. حاولت أن أعرف كيفية وصول ذلك المنبر إلي هذا المسجد بسؤال العشرات من المصلين المغاربة و التوانسة و الجزائريين الذين يعيشون في المنطقة .. لكنني لم أنجح في معرفة القصة لموضوع مضي عليه أكثر من مائة عام علي الأقل .. الحقيقة أن مصر وطني .. متواجدة في كل مكان ..
*************************************************
عندي أمل .. لأني مصري ..
-----------------
ما كل ذلك الشعور بالقهر الذي يغمرني .. التغيير الحادث ليس "مصرياً" أصيلاً بمعني الكلمة لذا كان القهر .. و الخوف .. الخوف من فقدان هوية سبعة الاف سنة حضارة .. هوية اسلامية مسيحية وسطية لا تعرف تطرفاً جاهلاً أهوجاً شاذاً .. مستورداً من صحاري قاحلة تسكن حضن صخر جامد أسود .. عندي أمل يولد من ذلك القهر أمل .. أمل النيل الجاري أمامي لا يتوقف عن السريان في عروقي .. لأني مصري ..
************************************************