اليوم سيناء و غداً عند سينما "دوللي" و كلنا مشغولون ..بقلم مؤنس زهيري

مؤنس زهيري كاتب صحفي مصري 

بالمنطق .. بالعقل .. بالفكر .. بالأسباب .. بالدين .. بالملة .. و بكل أدوات الحوار .. فإن ما يحدث علي أرض سيناء الآن هو كارثة وطنية بكل المقاييس .. و إهمال ذلك الأمر يعد بمثابة الخيانة الوطنية عن حق .. إن رفع علم تنظيم القاعدة علي إحدي نقاط قوات حفظ السلام الدولية المتواجدة من عقود علي أرض سيناء لهو التفسير الواضح وضوح ال

شمس - التي لا يراها إلا من حرمه الله نعمة البصر – لتأكيد ما أذاعته الإذاعات الأمريكية أن منطقة سيناء المصرية قد أصبحت خارج حدود السيطرة الرسمية المصرية ..

هذا بالإضافة إلي طلب قائد تلك القوات ضرورة تواجد قوات دولية في سيناء بكثافة عددية و تسليحية أكبر و أقوي للحفاظ علي معاهدة السلام و ضمان أمن المنطقة كلها و ما حدث كل ذلك إلا بسبب تواجد كل أطياف الجماعات الإرهابية بمختلف مسمياتها و تنوعات مذاهبها والتي تجمعت علي أرض سيناء ..

يحدث كل هذا بينما نحن في غاية الإنشغال بمسائل أخري تعتبر أهميتها لا تذكر بجانب الموضوع الأهم ألا و هو توفير الأمن في خُمس مساحة الوطن .. مشغولون بمعارك اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور .. مشغولون بميدان التحرير و "وجع الدماغ" الصادر منه يقلق الجهات الرسمية .. مشغولون بتأسيس الأحزاب .. مشغولون بالمظاهرات و المطالب الفئوية .. مشغولون بسفريات الرئيس و فرحين مستبشرين بمليارات المعاهدات الإقتصادية .. مشغولون بخناقة شيخ مع فنانة .. مشغولون بتغييرات صحفية ستطرح الإصدارات القومية أرضاً عن قريب .. مشغولون بقضية المرشح الرئاسي الثاني هل هو مذنب أم برئ .. مشغولون بتغريدات البرادعي علي برنامج التواصل الإجتماعي التويتر .. مشغولون بالصراع القانوني "الملتهب" حول عودة مجلس الشعب من عدمه .. مشغولون بذلك الصراع "العنيف" بين ديناصور العلم أحمد زويل حامل جائزة نوبل العالمية مع مجموعة أفراخ صغيرة من طلبة العلم يدافعون عن جامعتهم .. مشغولون بإبتكار أحدث و أقوي وسائل التشنيع و التنكيل بالخصوم للتشهير بهم بالكلمة و الصورة علي برامج التواصل الإجتماعي لتشويه صورتهم أمام مؤيديهم ..

نحن مشغولون بالإقتتال علي وطن و أخشي أن نصبح ذات يوم فلا نجد وطناً نقتتل عليه .. فمن يتجرأ علي إغتصاب سيناء لن يكتفي بها بل من المخيف أن يمتد طمعه في وطن - أهمل حمايته أصحابه – ليصل إلي قلب عاصمتها في حي شبرا مثلاً عند أشهر أماكنها في الشارع العريق "سينما دوللي" (أتذكرها حيث كان موعد لقائي مع أصدقائي القاطنون هناك أيام الشباب) .. فإذا كنت تتعجب سيدي من ذلك المثل الغارق في التشاؤم .. فهل كنت تتوقع أن يحدث كل ما يحدث علي أرض حررناها منذ أربعين سنة مضت - بعبور قناة السويس علي كباري روسية صدرتها إلينا موسكو و هي تعلم أنها منتهية الصلاحية و مع ذلك أنجحنا الله في العبور – فإذا بها اليوم تحت رحمة إحتلال جماعات الإرهاب المسلح .. و كل ذلك يحدث هناك بينما نحن هنا في العاصمة القاهرة مشغولون بجلابية محافظ كفر الشيخ .. ألا لك الله يا وطني و كفي به وكيلا ..